اختتام أعمال اليوم الأول من ملتقى قامشلو التشاوري بالتأكيد على ضرورة تحقيق "الهوية الوطنية الجامعة"

أكد المشاركون في ملتقى قامشلو التشاوري في ختام أعمال اليوم الأول على أن الهوية الوطنية السورية الجامعة ضرورة تاريخية لسوريا، وخطوة نحو تحقيق السلم الأهلي.

وبعد الانتهاء من أعمال الجلسة الأولى لملتقى قامشلو التشاوري الذي انطلق صباح اليوم في صالة زانا بمدينة قامشلو، وذلك بحضور نحو 80 مندوباً وشخصية من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا وسورية عامة.

وتضمنت الجلسة الأولى للملتقى المستجدات السياسية وضرورة الحل السياسي، أما الجلسة الثانية التي أديرت من قبل كل من (الناشطة السياسية إيمان خليف، وعضو الهيئة التنفيذية في مجلس سوريا الديمقراطية، عبد القادر موحد، وممثلة حزب الحداثة والديمقراطية في سوريا، هيفاء محمود) فتضمن قراءة ورقة حول الهوية الوطنية الجامعة من قبل إيمان خليف، أكدت خلالها أنه في "ظل ما يعيشه المجتمع السوري من انقسام وتمزق واستقطاب سياسي واجتماعي وجغرافي وثقافي، تشكل أزمة الهوية قضية مركزية لأي حوار حول الحل الجذري والشامل في سوريا. ولدى ذكر الهوية الوطنية السورية، نقصد بها الهوية الأخلاقية الجامعة للبلاد".

لم تكن لسوريا هوية وطنية

ولفتت إيمان إلى تاريخ الهوية السورية، قائلة: "تاريخياً، لم تكن لسوريا هوية وطنية منذ تأسيسها كدولة في أوائل القرن العشرين، إذ فُرضت الهوية بصورة مصطنعة من الخارج وتلقفتها التيارات القوموية النخبوية الضيقة على النسيج الاجتماعي المتنوع، فعلياً، تعاني الهوية السورية من الاغتراب البنيوي منذ مئة عام لم تعالج هذه القضية المحورية، وكان النقاش حول أزمة الهوية في الشأن العام من المحرمات في الحياة الثقافية والسياسية قبل عام 2011".

الهوية الوطنية السورية الجامعة ضرورة تاريخية

وفي إشارة إلى واقع الهوية السورية ما بعد اندلاع الأزمة، أردفت إيمان: "عقب الحراك الشعبي في سوريا وترسيخ العنف على المشهد السياسي، ظهرت على السطح أشكال متضاربة من المقاربة الهوياتية؛ هوية قوموية أحادية يتبناها النظام السوري، وكذلك هوية وطنية ديمقراطية مازالت في طور التأسيس ويمثلها التيار الديمقراطي، إلى جنب انبثاق هويات محلية قبائلية أو طائفية أو مذهبية أو إثنية أو عائلية أو مناطقية، في حين شكلت الهوية الجهادية الإسلاموية عنصر استقطاب ما فوق الإطار الوطني، وفشلت العلمانية الليبرالية في تنظيم نفسها تحت سقف مبادئ الهوية الوطنية وفي المحصلة، بتنا أمام فوضى الهويات المتضاربة والمتناحرة، إنها حرب الكل ضد الكل".

وأضافت: "الهوية الوطنية السورية الجامعة ضرورة تاريخية لسوريا، وهي الخطوة الأولى نحو تحقيق السالم المجتمعي، دون ذلك، ستتخبط سوريا في فوضى الهوية لعقود أخرى، وستبقى الحلول مؤقتة والأزمات مؤجلة".

إيمان أوضحت أن الهوية الوطنية السورية الجامعة، هوية تعددية منفتحة الأطراف تعبر عن الاختلاف وتنوع الأمة السورية ولا تختزل بإحدى مكوناتها على أسس المواطنة، وتبنى هذه الهوية وفق مبدأين أساسيين "هوية وطنية مركبة منفتحة الأطراف، أي أن الهوية الوطنية السورية الجامعة سقف يجمع التنوع الإثني والثقافي والديني والمذهبي والقومي والطبقي في سوريا تحت مظلتها على أسس المواطنة، وهي هوية متغيرة ومركبة ومرنة، قائمة على أساس الاعتراف والتواصل العقلاني، ولا على أسس الاندماج القسري والتجانس الفظ".

إنهاء حالة التشرذم الهوياتي في سوريا

وتابعت "أما المبدأ الثاني فهو المواطنة، إذ تتألف الأمة السورية الجامعة من مواطنين وجماعات يتم الاعتراف بحقوقها الجماعية والفردية على أساس مبدأ المواطنة، فالهوية الوطنية السورية الجامعة، تحتوي وتعترف بالهويات الثقافية وتجمعهم على أساس المواطنة الحرة والطواعية، ومن جانب آخر، الدولة الوطنية في سوريا؛ هي دولة مؤسساتية قائمة على الخبرات وتدار بالقوانين، غير قائمة على الهويات".

مضيفة "الدولة الوطنية السورية، هي دولة محايدة تجاه الدين والقومية والطبقة والجنس وتحتوي التنوع السوري ضمن الوحدة الوطنية الديمقراطية على أسس المواطنة الحرة".

وفي تأكيد على أهمية الهوية الوطنية السورية الجامعة، أكدت إيمان أنها تنهي "حالة التشرذم الهوياتي في سوريا، حيث أسفرت الحرب عن إفرازات هوياتية محلية ضيقة، إما مناطقية أو مذهبية أو طائفية أو دينية أو عرقية أو إثنية أو قبائلية من ناحية، وهويات عابرة للوطنية مثل الجهادية العالمية من ناحية أخرى، ومن ناحية أخرى فهي مدخل للسلم الأهلي والتعايش في سوريا، فأي محاولة لتحقيق السلم الأهلي في سوريا يجب أن تبدأ من حل إشكالية الهوية".

 إيمان عدت الهوية الوطنية السورية الجامعة "حل للقضايا المتراكمة خلال مئة عام، إذ لم تتشكل هوية وطنية سوريا جامعة منذ حوالي 100 عام من سوريا الدولة، وبقيت قضية الهوية الوطنية عالقة دون حل، والسبب الرئيس لتشظي الأجسام والكيانات المعارضة هو عدم امتلاك السوريين هوية جامعة تلم شملهم حول قضية ما".

المطلوب للحفاظ على الهوية الوطنية السورية

في ختام حديثها لفتت إيمان خليف إلى ما هو مطلوب للحفاظ على الهوية الوطنية السورية الجامعة، قائلة: "أولاً يجب إعادة بناء البنية التحتية الاجتماعية والمادية في سوريا، وإعادة هيكلة التعليم في سوريا واعتماد مناهج وطنية تأخذ من مفاهيم العقد الاجتماعي الوطني السوري المبني على الوطن المشترك والهوية الوطنية الجامعة أساساً، والتركيز على إنشاء خطاب سياسي وإعلامي جديد، يتبنى الهوية الوطنية السورية الجامعة وذلك من خلال الحوارات والندوات الجماهرية بغية توضيح مفهوم الهوية الجامعة، وتعزيزها بين شرائح المجتمع السوري".

وتابعت: "وإنشاء لجان السلم الأهلي، مثل لجنة تقصي الحقائق ولجنة الحكماء ولجنة الحقوق ولجنة عودة اللاجئين والمهجرين ولجنة المرأة والبيئة وغيرها على المستويات المحلية والوطنية، هدفها التمهيد للسلام في سوريا، بالإضافة

إلى إقامة مراكز جبر الضرر محلية ووطنية تسعى لتعويض وإنصاف الضحايا مادياً ومعنوياً، وتحقيق مبدأ الصفح والتعهد".

وفي ختام أعمال اليوم الأول لملتقى قامشلو التشاوري، تم فتح باب النقاش أمام الحضور حيث أكدوا على الحفاظ على الهوية الوطنية السورية الجامعة والنسيج الفسيفسائي للشعب السوري، والابتعاد عن خطاب ونظرية القوموية وتقبل كل مكون للآخر، فيما أشادوا بدور الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الحفاظ على الهويات السورية المتعددة، وإتاحة الفرصة لكل مكون في التعلم بلغته الأم.